مضى وقت طويل قبل أن نجد ألبوما غنائيا جديدا يتجرأ أصحابه على تصديره للجمهور. فلا الظروف السياسية تسمح، ولا الظروف النفسية تشجّع. لكنها تجرأت، شركة "بلاتينيوم ريكوردز" وأطلقت صوت الفنانة الشابة أسيل عمران لجمهورها بألبوم من تسع أغنيات متنوّعة. بغلاف جميل التصميم، بداخله عدد كبير من الصور الفوتوغرافية الجميلة جدا، لم يشر مصمّم الغلاف الى إسم المصوّر ولا الى إسمه أيضا كمصمم للغلاف.
1 – أجيله
من كلمات وألحان نذير صالح وتوزيع أحمد أسدي، تدخل الأغنية بلحن بسيط وتوزيع صاخب جدا، وكأنها تريد أن تفرض نفسها على حالة من الفرح الزائد. لكن التوزيع زاد قليلا من العجقة الموسيقية. كورال الأغنية بدا وكأنه مسجّل بأصوات أطفال لا علاقة لهم بموضوع الأغنية العاطفي.
أسيل عمران تغني هنا بصوت الطفلة المراهقة. ليس في الأغنية ما يلفت كثيرا. وكان من الضروري أن يستعمل مهندس الصوت بعض الأوتوتيون للتحسين وليتناغم الأداء مع اللحن. أغنية عادية لا تلتقط أذني كما أتمنى. هي إختتمت الأغنية بعبارة "يللا نعيد" .... ليتها فعلا أعادت التسجيل.
2 – الضحكه الحلوه
الشاعر أحمد علوي كتب والملحن عبدالله الجاسم لحّن والموزّع هشام السكران وزّع ... والأغنية جميلة منذ النغمة الأولى. وأداء أسيل فيها جميل جدا، وفيه الكثير من الإحساس. أسيل في هذه الأغنية فتاة ناضجة تغني الحبّ بعاطفة واضحة." أيوه كده.." هذا غناء جميل ولحن جميل وكلام جميل وتوزيع ساحر....
بهذه الأغنية نبدأ بسماع الغناء الجميل. أغنية جميلة، أحببتها من أول نغماتها. كمنجاتها ( وترياتها) جميلة وتقاسيم الصولوهات بخلفياتها الموسيقية الأخرى تؤكّد أن الذي كتب التوزيع الموسيقي فنان حقيقي.
3 – توبه
من كلمات وألحان عادل فرحان، وتوزيع زيد نديم. نستمع لأغنية فيها حضور صوت وأداء جميل لأسيل عمران التي تبدو هنا صاحبة خبرة جميلة ووافية في الغناء. اللحن الذي وضعه عادل فرحان فيه الكثير من الموسيقى الجميلة ، لكن التوزيع الذي وضعه زيد نديم فيه أحيانا بعض تكرار وتقليد.
خصوصا عند صولوهات الأورغ والصوت المستعمل فيها والتي نسمعها في أغلب الأغاني الخليجية. وكان يمكن للموزّع أن يتعب نفسه قليلا ويلجأ لأصوات أخرى في صولوهات الفاصل الموسيقي. أجمل ما في الأغنية صوت أسيل الجميل والواضح المعالم. هي تغنّي بإحساس جميل. رغم أن حرف ال "شين" فيه بعض الظهور الزائد لكنه لا يبدو مزعجا.
4 – مو بالساهل
بين الأنين بشعر ولحن، وهشام السكران بتوزيع موسيقي، نستمع الى أغنية حمل الألبوم عنوانها، لنجد أن السكران قام ببعض محاولات لإختراق المألوف في التوزيع الموسيقي. وهو نجح في البداية، لكن مهندس الصوت أفسد عليه محاولاته. فقد أضاع الميكساج بعضا من صوت أسيل ووضوح الكلام، بحيث طغى صوت الموسيقى الغنيّة بالتوزيع على صوت المطربة وتحوّل التوزيع الجميل في بعض الأماكن الى مصدر إزعاج للأذن. صولو الكمان يشبه بعض موسيقى الكانتري الأميركيه، وهو جميل وفي مكانه المناسب. في هذا اللحن الكثير من التجديد، والتوزيع فيه الكثير من الحيوية. و "مو بالساهل" فهم هذه الأغنية موسيقيا من أول مرّة نسمعها.
5 – ارحم حالي
حمد ناصر كتب ولحّن ، وأحمد أسدي وزّع اللحن. بكثير من الحيوية تغني أسيل عمران أغنية يقول كلامها "إرحم حالي وإرجع لي ...". قد يكون هناك بعض التناقض بين الكلام واللحن، لكن للملحن أن يتصور كلماته كما يريدها... بعض من السالسا والسامبا والميرينغي والموسيقى اللاتينية الصاخبة .
حتى الكورال فيه الكثير من شكل الغناء اللاتيني. لا مانع، فالتزاوج الموسيقي الجميل لا أحد يعترضه. صولوهات الأكورديون جميلة منذ الفواصل الأولى حتى الصولو في الختام. أسيل تغني أيضا بإحساس، ولو أني كنت أتمنى لو أنها غنّت هنا بطبقة أعلى قليلا، وهي كانت قادرة على هذا.
– تلعب علينا
هذه أغنية فيها الكثير من المحلّية الخليجية والموسيقى الجميلة. وقد أبرز الموزّع علي أباظه الوتريات وأعطاها دورها الجميل. وهي جاءت كثيفة وغنيّة وواضحة. أسيل هنا تغنّي بجوارحها. وقفلاتها تؤكّد أنها مطربة ومؤدّية جيدة، فهي لا تستسهل القفلات بل تعطيها كل ما عندها من قدرات. أغنية جميلة أيضا من كلمات خالد العوض الذي كتب جملاً وصوراً شعرية جميلة وملفتة ..( غمّض وفتّح واطلب أي شي يجيك، ومن شان عين الزين تكرم مدينه). هذه صورة جميلة ومعنى جميل. ومن ألحان بدر الذوادي الذي وضع لحنا هادئا بالشكل وصاخبا بالمضمون.
7 – يوم يومين
إحساس أسيل أيضا وأيضا، واضح وجميل. ولا يمكن أن ننكر عليها هذا الأداء العالي الإحساس. كما لا يمكن أن ننكر عليها هذا الأداء السليم وتعاملها مع الجملة الموسيقية بحرفية وإغناء للأذن. شعر خالد العوض يبدو جميلا وفيه صورة شعرية حلوة ( كان ودّك يا حياتي تشوف شلون أنا أحبّك ، خذها مني وما تحاتي، أنا كلّي فدى قلبك). وتغنّي أسيل بإحساس العاشقة وهي تجيد إيصال الصورة بكلّ وضوح للسامع. اللحن الذي وضعه أحمد برهان أتاح لها أن تُظهر إحساسها بسلاسة ونعومة دون أي تكلّف. زيد نديم عرف كيف يوزّع هذا اللحن ببساطة لا يحتاج لأكثر منها.
8 – على عيني
أجواء لاتينية وسالسا وسامبا مرّة أخرى، وضعها الموزّع الموسيقي هشام السكران، الذي يؤكّد مرّة أخرى أنه يجيد بحرفية عملية المزج الموسيقي للخروج من الرتابة. لحن حسن عبدالله جميل، وهو أتاح للسكران أن يذهب الى أبعد من حدود الموسيقى الخليجية في التوزيع الموسيقي. أسيل تغنّي وكأنها سمعت الكثير من الغناء الرحباني وفيروز خصوصا عند ( وأبد لا تقول أنا مشغول، ترى ما أقوى الغياب يطول ...). هنا سنجد نكهة أداء رحباني. آلات النفخ النحاسية جميلة جدا، والتوزيع كتب لها جملا موسيقية مميزة ولطيفة... قفلات الجمل الغنائية عند أسيل هنا أيضا جميلة وغنيّة ومتمكّنة بوضوح.
9 – كثير أهواك
أغنية رومانسية بكلمات خليجية قليلة كتبها أسير الرياض ووضع لها عصام كمال لحنا بسيطا وناعما جدا. فيه الكثير من الموسيقى اللبنانية في الرومانسي. وتوزيعها الموسيقى الذي كتبه مهنّد خضر وشاركه فيه خليفة زيمان يبدو غنيّا، ووترياته مكتوبة بحرفية وجمال. أسيل حسّاسة ورقيقة وعذبة. لم أستطع أن أتخذ قرارا نهائيا للحكم على مسألة هامة، وهي هل كانت الوتريات جميلة أم مبالغ فيها أحيانا؟؟ للسامع أن يحكم على هذه المسألة. لكن الأغنية بشكل عام جميلة.
خلاصة
أسيل عمران تفاجيء السامع بأداء جميل ومتمكّن. وفي صوتها عذوبة ورقّة واضحين. قد تكون تعمّدت عدم الإهتمام بمخارج بعض حروفها لنصيحة من سامع قال لها أن في هذا بعض التميّز. الأغاني بشكل عام جميلة والألبوم يضمّ عملا مميزا ويستحق التقدير والإعجاب.
